مدوونات عفروتو . Powered by Blogger.
الزيارات:
كلنا مجانين بصورة ما
الزيارات:
كلنا مجانين بصورة ما ..... بيرتون
منذ أن وجد الإنسان على الأرض وجد معه الجنون , في الحقيقة ما زال الكثير من علماء النفس وطب الأعصاب لا يستطيعون وضع تعريف حقيقي للجنون , ما هو , ما سببه , وما هي صفات من يجب أن يدعى مجنون .يقول الدكتور توماس زاز أستاذ الطب العقلي في جامعة سيراكيوز نيويورك : " يعرف الطب العقلي عادة بوصفه اختصاصاً طبياً يُعنى بتشخيص الأمراض العقلية وعلاجها . أما أنا فأؤكد أن هذا التعريف , الذي ما زال قائماً ومقبولاً, يُلحق الطب العقلي بمبحثي الكيمياء القديمة والتنجيم , ويُعينه بذلك علماً زائفاً . والسبب وراء ذلك واضح وجلي , إذ لا وجود لما يسمى بـ " المرض العقلي " .
وللبشر تاريخ طويل في التعامل مع الجنون , حيث عثر على العديد من الجماجم المثقوبة وذلك للسماح للشياطين بالخروج يعود تاريخها القرن الخامس قبل الميلاد .
فسر الجنون على مدى تاريخ الإنسان الطويل على انه عقوبة من الآلهة أو ابتلاء .
ورد في التوراة في سفر التثنية ( لقد كُتب , أن الله سوف يبتليك بالجنون ) .
وقد وصف هوميروس ملك الفرس بالمجنون لأنه كان يحط من شأن الدين قائلا ((من يستطيع الحط من قدر الآلهة غير المجنون )) .
وكذلك عزيت جميع اضطرابات السلوك والكلام إلى الشياطين والآلهة .
لدى الهندوسية شيطانه خاصة تدعى "غراي" ينسب إليها التسبب بالتشنجات الصرعية .
كما سرد نص أشوري عوارض لمرض الصرع
المسبب من قبل شيطان , وجاء فيه (( إذا اتفق , لحظة التلبس , أن يكون المرء
جالساً , وتحركت عينه إلى الناحية الأخرى , وتغظنت شفته وتدفق اللعاب من
فمه , واختلج الجانب الأيسر من جسده مثل نعجة مذبوحة , فذلك هو الشيطان
"ميغتو" , وإذا كان عقل المرء الموسوس , واعيا لحظة التلبس فمن الممكن طرد
الشيطان من جسده . أما إذا لم يكن واعياً فمن المستحيل طرده )) .
وكذلك هناك جانب آخر في النظرة إلى الجنون , وهو الجنون الناتج عن تلبس قوى خيرة , حيث يسبب رؤى دينية وملائكية كما في حالات المجذوبين المعروفة لدينا وكذلك في بعض قصص القديسين . افترض المجتمع صورة نمطية للجنون تتعلق بالمظهر وقد صورت بطريقة قياسية في النكت والقصص الشعبية على هيئة كائن غريب أشعث الشعر متسخ الملابس هائم على وجهه يستجدي الطعام . كما تعامل المجتمع مع المجانين على أنهم مرضى خطرين مهددين للحياة وللصحة حيث افترضوا أن الشياطين ممكن أن تصيب من يقترب منهم أو يلامسهم وبالتالي يجب احتجازهم ومنعهم من الاختلاط مع الأصحاء , فرضت القوانين الرومانية على عائلة المجنون ضبط تصرفه أو حتى حبسه يقول أفلاطون ( إذا كان المرء مجنوناً فلا ينبغي أن يترك له الحبل على الغارب , فيتجول في المدينة كيف يشاء , بل يتوجب على عائلته أن تتعهده , وتتحفظ عليه بشتى السبل ) .
وكذلك كانت العائلة في أوروبا العصور الوسطى مسئولة عن أبنائها المجانين أو البلهاء الذين غالباً ما كان يتم احتجازهم في الغرف الضيقة أو الزنازين وعرضه للإهمال والقسوة .
وكذلك هناك جانب آخر في النظرة إلى الجنون , وهو الجنون الناتج عن تلبس قوى خيرة , حيث يسبب رؤى دينية وملائكية كما في حالات المجذوبين المعروفة لدينا وكذلك في بعض قصص القديسين . افترض المجتمع صورة نمطية للجنون تتعلق بالمظهر وقد صورت بطريقة قياسية في النكت والقصص الشعبية على هيئة كائن غريب أشعث الشعر متسخ الملابس هائم على وجهه يستجدي الطعام . كما تعامل المجتمع مع المجانين على أنهم مرضى خطرين مهددين للحياة وللصحة حيث افترضوا أن الشياطين ممكن أن تصيب من يقترب منهم أو يلامسهم وبالتالي يجب احتجازهم ومنعهم من الاختلاط مع الأصحاء , فرضت القوانين الرومانية على عائلة المجنون ضبط تصرفه أو حتى حبسه يقول أفلاطون ( إذا كان المرء مجنوناً فلا ينبغي أن يترك له الحبل على الغارب , فيتجول في المدينة كيف يشاء , بل يتوجب على عائلته أن تتعهده , وتتحفظ عليه بشتى السبل ) .
وكذلك كانت العائلة في أوروبا العصور الوسطى مسئولة عن أبنائها المجانين أو البلهاء الذين غالباً ما كان يتم احتجازهم في الغرف الضيقة أو الزنازين وعرضه للإهمال والقسوة .
صورة من العصور الوسطى لمصحة بيثلام
ومع
نهايات القرون الوسطى بدأت تظهر العديد من المصحات والدور المخصصة لرعاية
المجانين بعضها كان يتقاضى أجرا ويدار لغرض الربح وأخرى كانت تدار من قبل
أطباء وراهبات متطوعين . ومن هذه المستشفيات كانت المستشفى الأشهر في
انجلترا والأسوأ سمعة وهي مستشفى بيثلام الملكي (Bethlem Royal Hospital)
أو كما دعيت لاحقاً بمستشفى بيدلام .
تأسست المستشفى عام 1247 تحت اسم مستشفى سانت ماري , وبعد حريق لندن عام 1666 تم إعادة بناء المستشفى وزيادة مساحته , وتحت طراز معماري رفيع يذكر بالقصور الملكية الانكليزية . تناوب على إدارة المستشفى العديد من الأطباء , ويقال أن احدهم كان يعاني هو أيضا من الجنون , وكعادة المؤسسات الحكومية في ذلك الوقت فقد عانت المستشفى من سوء الإدارة وشح النقود .
تأسست المستشفى عام 1247 تحت اسم مستشفى سانت ماري , وبعد حريق لندن عام 1666 تم إعادة بناء المستشفى وزيادة مساحته , وتحت طراز معماري رفيع يذكر بالقصور الملكية الانكليزية . تناوب على إدارة المستشفى العديد من الأطباء , ويقال أن احدهم كان يعاني هو أيضا من الجنون , وكعادة المؤسسات الحكومية في ذلك الوقت فقد عانت المستشفى من سوء الإدارة وشح النقود .
كان العلاج أقرب الى التعذيب منه للعلاج
كانت
أساليب العلاج في المستشفى عنيفة , في الحقيقة كانت اقرب إلى التعذيب منها
إلى العلاج , حيث كان المرضى يغمرون في الماء المثلج على نحو مفاجئ في ما
يسمى العلاج بالصدمة , كما كان يتم تقييدهم بالسلاسل الحديدة لساعات طويلة
قد تصل لأيام متواصلة وبوضعيات غير مريحة إضافة إلى إجلاس المريض على كرسي
معلق بالسقف بحبال مشدودة ويتم إدارة الكرسي لمرات ومرات متتالية حتى يفقد
المريض وعيه من شدة الدوار .
لكن هل كان كل نزلاء بيدلام مجانين ؟ ..
كلا .. فالتشريعات كانت تفرض على الحكومة حجز المجانين المتجولين في
الشوارع , وهكذا فقد تم القبض على الكثير من الفقراء أو ممن يعانون من
اختلالات بسيطة أو حتى تشوهات خلقية , من الذين تم وصمهم بالجنون حسب
الصورة الشائعة للمجنون وقتئذ , إضافة إلى من اختاروا دخول المستشفى هرباً
من بطش الحكومة , يروي لنا احد صحفي تلك الفترة المدعو نيد ورد اثر زيارته
للمستشفى عن احد نزلائها يقول : (( لما تحدث مطولا , وبحدة ضد حكومة جلالة
الملك . قلت له : انه يستحق أن يؤخذ بتهمة الخيانة فيعدم , فقال : لا انك
امرؤ أحمق , فنحن المجانين نمتلك حرية التعبير عما يعتمل في أنفسنا ...
فيقول المرء منا ما يشاء دون أن يسأله احد , فالحقيقة مضطهدة في خارج رواق
هذا المكان . وهي تزأر إليه بحثاً عن ملاذ تكون فيه آمنة على نفسها , كما
يأمن الفاسق في الكنيسة أو المومس في دير الراهبات . وأنا استطيع أن استغل
هذا المكان كما أشاء , وبصورة تتعدى ما تجرؤ أنت على فعله )) .
لكن مهلا ما الذي كان يفعله صحفي في مستشفى للمجانين وما كانت زيارته هذه ؟ .
لكن مهلا ما الذي كان يفعله صحفي في مستشفى للمجانين وما كانت زيارته هذه ؟ .
كانت المستشفى مكانا للترفيه عن الاغنياء والطبقات العليا
في
الحقيقة عزيزي القارئ إنها كانت زيارة عادية لغرض الترفيه !!!! .. نعم
لغرض الترفيه , ففي محاولة من السلطات الانجليزية لتعريف المجتمع بمخاطر
الموبقات وما تتسبب به من ضياع للعقل , تم افتتاح المستشفى للعامة عام 1598
مع حرية التجول فيه , حاله حال الكثير من معارض لندن آنذاك وكحديقة
الحيوان , حيث تدفع عند الباب مبلغ (10 شلن) لتدخل أنت وعائلتك إلى معرض
المجانين هذا !! , حيث تم عرض المجانين للعامة كما تعرض الحيوانات وكانت
العائلات الانجليزية المتوسطة والارستقراطية تصطف في طوابير أيام الأحد
وأعياد الفصح للتفرج على نزلاء المستشفى , يصف لنا احد زوار المستشفى كيف
أن سيدتين أنيقتين يبدو إنهن من الطبقات العليا تسمرتا ولساعات طويلة أمام
مجنون يجلس على كرسي ويزعم انه ملك بريطانيا , ,,, فمن تراه المجنون عزيزي
القارئ ؟!
في عام 1770 تم تقليص
الزيارات العامة للمستشفى واقتصرت الزيارات على الشخصيات العامة والذين
يدفعون بشكل جيد . ويبدو أن الجنون لم ينتهي عند هذا الحد عزيزي القارئ ,
فبسبب قلة الطعام في المستشفى راح المجانين يذرعون الطرق العامة ليتسولوا .
كانت القوانين في انجلترا تمنع التسول , لكن تم استثناء نزلاء بيدلام
وإلباسهم زي خاص بهم ليستطيعوا ممارسة التسول , وكان كثير من فقراء لندن
يلبسون ملابس النزلاء ويدعون الجنون ليتسولوا لخبز ... فيا له من عالم
مجنون احتاج فيه الفقير إلى أن يدعي الجنون ليتحصل على كسرة خبز .في النهاية ألا يعتبر قول توماس تريون المعمداني الذي يقول (( إن العالم عبارة عن مستشفى مجانين كبير , حيث يقوم الناس الأكثر جنوناً باحتجاز من هم اقل جنوناً )) .. ألا يبدو قوله حقيقة ؟! . ===================
0 تعليقات